by أصيل عادل السليماني
Share
ينصح مكتب المحامي أصيل عادل السليماني وشركاؤه للمحاماة والإستشارات القانونية والتحكيم بأخذ المشورة من المختصين حتى بعد الأستطلاع والبحث
شارك الإفادة
في ظل التغيرات الاجتماعية المتسارعة، بات موضوع فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة أحد أكثر القضايا التي تثير الجدل في الأوساط القانونية والمجتمعية، لما يحمله من أبعاد شرعية وحقوقية ونفسية. فالمرأة اليوم، لم تعد حبيسة الأطر التقليدية التي كانت تقيد حركتها داخل العلاقة الزوجية، بل أصبحت تمتلك الوعي والقدرة القانونية للمطالبة بإنهاء علاقة لم تعد تحقق لها الأمان أو الكرامة أو الاستقرار.
وهنا تبرز أهمية اللجوء إلى متخصصين يمتلكون الفهم العميق للتشريعات والأسس النظامية، مثل مكتب المحامي أصيل عادل السليماني للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم، الذي يوفر الدعم القانوني المتكامل للمرأة الراغبة في اتخاذ هذه الخطوة المصيرية. من خلال هذا المقال، نستعرض أهم الأسس التي تتيح للزوجة فسخ عقد الزواج، وآليات الحماية القانونية التي تضمن لها حقها دون إخلال بالضوابط الشرعية والنظامية في المملكة.
الإجراءات النظامية لطلب فسخ عقد الزواج في المملكة العربية السعودية
تمر دعوى فسخ عقد الزواج في السعودية بعدد من الخطوات النظامية التي يجب اتباعها بدقة لضمان قبول الطلب والنظر فيه من قبل المحكمة المختصة. وتبدأ هذه الإجراءات بتحديد جهة الاختصاص، حيث يتم رفع الدعوى أمام المحكمة الشرعية الواقعة في نطاق سكن الزوج أو الزوجة، بحسب الأحوال.
ينبغي إعداد صحيفة الدعوى بصيغة قانونية واضحة، سواء من قبل المدعي نفسه أو بواسطة وكيله الشرعي، على أن تتضمن الصحيفة البيانات الأساسية الآتية:
- اسم المدعي وجنسيته ولقبه ومحل إقامته.
- اسم المدعى عليه وجنسيته ولقبه ومحل إقامته.
- موضوع الدعوى وبيان الغرض منها.
عرض دقيق للوقائع المرتبطة بالدعوى، كبيانات عقد الزواج، عدد الأبناء (إن وُجدوا) وأعمارهم، إضافة إلى ذكر الأسباب الجوهرية التي دفعت المدعية لطلب فسخ عقد النكاح، سواء كانت تلك الأسباب نفسية أو مادية أو شرعية.
إن اتباع هذه الخطوات بدقة يعزز من قوة الدعوى ويمكّن المحكمة من النظر فيها بصورة منهجية وعادلة.
يقدم مكتب أصيل عادل السليماني وشركاؤه للمحاماة خدمات احترافية في قضايا الإفلاس وإجراءات التصفية القانونية بكل دقة وكفاءة.
فسخ عقد الزواج بسبب سوء العشرة وفقًا للنظام السعودي
استنادًا إلى المادة (108) من نظام الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية، يحق للزوجة أن تطلب فسخ عقد الزواج إذا تعرضت لأضرار جسيمة تحول دون استمرار الحياة الزوجية بصورة طبيعية، بشرط أن تتمكن من إثبات الضرر أمام المحكمة المختصة.
وفي حال تعذر على الزوجة تقديم ما يثبت وقوع الضرر، تنص المادة (109) من ذات النظام على ضرورة لجوء الطرفين إلى التحكيم، حيث يُطلب من كل منهما اختيار حكم من أهله خلال المهلة التي تحددها المحكمة. وإذا تعذر ذلك، تتولى المحكمة تعيين حكمين من داخل الأسرة أو من خارجها إذا اقتضت الحاجة. وتُحدد مدة التحكيم بحد أقصى 60 يومًا من تاريخ التعيين، وذلك بهدف محاولة الإصلاح وتقريب وجهات النظر قبل البت النهائي في الفسخ.
هذا التنظيم القانوني يعكس حرص النظام السعودي على حماية كيان الأسرة، مع ضمان حقوق الطرفين، لا سيما حين تتعذر المعاشرة بالمعروف ويصبح استمرار الزواج سببًا في المعاناة أو الضرر.
فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة ناجز
تُتيح بوابة ناجز التابعة لوزارة العدل في المملكة العربية السعودية إمكانية تقديم طلب فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة إلكترونيًا، بشرط استيفاء المتطلبات والشروط النظامية لطلب الفسخ. وتتم خطوات التقديم على النحو التالي:
- تسجيل الدخول إلى بوابة ناجز باستخدام النفاذ الوطني.
- اختيار “الخدمات الإلكترونية”، ثم الضغط على “محاكم”.
- النقر على “صحيفة الدعوى” ثم اختيار “طلب جديد”.
- تحديد نوع الدعوى: (أحوال شخصية)، ثم اختيار التصنيف: (دعاوى فسخ النكاح والفرقة).
- اختيار نوع الطلب: “فسخ النكاح”.
- تعبئة البيانات المطلوبة الخاصة بالدعوى.
- الموافقة على الإقرار والتعهد، ثم الضغط على “التالي”.
- إدخال معلومات المدعي والمدعى عليه.
- اختيار المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى.
- تحديد صفة مقدم الطلب (أصيل أو وكيل).
- إرفاق المستندات الداعمة للدعوى، إن وُجدت.
- وأخيرًا، الضغط على “إرسال الطلب”.
وتجدر الإشارة إلى أن البوابة تتيح كذلك خدمة توثيق فسخ عقد الزواج إلكترونيًا، دون الحاجة لمراجعة المحكمة حضوريًا، في حال صدور الحكم. وفي حال مواجهتك لأي صعوبة خلال تقديم الطلب أو توثيقه، يمكنك التواصل مع محامي متخصص في قضايا الأحوال الشخصية أو طلب الاستشارة من مكتب المحامي أصيل عادل السليماني للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم لضمان سير الإجراءات بسلاسة واحترافية.
ما هي الأسس النظامية لطلبات فسخ عقد الزواج وفقًا لنظام الأحوال الشخصية؟
عند الحديث عن أسانيد طلب فسخ عقد الزواج، لا بد من التأكيد على أن الأساس القانوني لكل طلب يعتمد على السبب الجوهري الذي يدفع أحد الطرفين إلى المطالبة بالفسخ. ووفقًا لما نصّت عليه المادة (104) من نظام الأحوال الشخصية السعودي، يحق لكل من الزوجين التقدم بطلب فسخ عقد النكاح في حال وجود عيب في الطرف الآخر يُلحق الضرر بالمدعي ويحول دون إمكانية المعاشرة بالمعروف.
وقد حدد النظام حالات محددة تُخوِّل الزوجة طلب الفسخ بوجه خاص، وذلك بناءً على المواد (107، 108، 114، 115) من النظام، وتشمل هذه الحالات ما يلي:
- امتناع الزوج عن الإنفاق على الزوجة والأسرة دون مبرر مشروع.
- ادعاء الزوج الإعسار المالي وعدم قدرته على توفير النفقة، حتى وإن كانت الزوجة على علم بذلك قبل الزواج.
- إلحاق الزوج ضررًا نفسيًا أو جسديًا بالزوجة، يجعل من استمرار العلاقة الزوجية أمرًا مرهقًا أو مستحيلًا، على أن يُثبت الضرر أمام المحكمة.
- غياب الزوج عن زوجته مدة لا تقل عن أربعة أشهر دون عذر مقبول.
- فقدان الزوج أو عدم معرفة مكانه لمدة لا تقل عن عام كامل.
تُعد هذه الأسانيد بمثابة الركائز القانونية التي تُبنى عليها دعاوى الفسخ، وتُعزز من موقف الزوجة أمام المحكمة، شريطة توافر الأدلة والإثباتات اللازمة وفقًا للإجراءات النظامية المتبعة.
الشروط النظامية لفسخ عقد الزواج في المملكة العربية السعودية
وفقًا لأحكام نظام الأحوال الشخصية المعمول به في المملكة العربية السعودية، فإن فسخ عقد الزواج لا يتم إلا بتوافر شروط محددة تؤكد تعذر استمرار الحياة الزوجية وتحقيق مقاصد الزواج. وتتمثل شروط فسخ عقد النكاح في الحالات الآتية:
- وجود نزاعات متكررة بين الزوجين، مع استحالة التفاهم أو التعايش بينهما بصورة طبيعية.
- إصابة أحد الزوجين بعجز جسدي أو عقلي يمنع المعاشرة الزوجية أو يخل بالحياة الزوجية.
- تعرّض الزوجة لأضرار جسيمة مثل العنف الأسري، التهديد، الخيانة الزوجية، أو الإيذاء النفسي أو الجسدي.
- امتناع الزوج عن أداء واجباته الشرعية، كترك الإنفاق، أو ادعاء الإعسار في النفقة دون إثبات شرعي.
- امتناع الزوج عن المعاشرة الزوجية لمدة تتجاوز أربعة أشهر دون سبب مشروع أو مبرر مقبول شرعًا.
- غياب الزوج لمدة طويلة دون سبب مقبول، أو عدم معرفة مكانه لفترة زمنية محددة، وقد نص النظام على ضوابط خاصة لهذا البند.
تُعد هذه الشروط ضمانات لحماية الطرف المتضرر، ووسيلة مشروعة لطلب فسخ العقد أمام القضاء، بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات، ويحافظ على الكرامة الإنسانية داخل إطار العلاقة الزوجية
صيغة قانونية محكمة لنموذج دعوى فسخ عقد الزواج بسبب الهجر
صاحب الفضيلة/ رئيس محكمة الأحوال الشخصية حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
مقدمة من المدعية: ……………………………………………………..
تحمل الهوية الوطنية رقم: ………………………………………….
عنوان الإقامة: ………………………………………………………
ضد المدعى عليه: ………………………………………………….
يحمل الهوية الوطنية رقم: …………………………………………..
عنوان الإقامة: ………………………………………………………
أفيد فضيلتكم بأنني زوجة للمدعى عليه بموجب عقد الزواج الشرعي الموثق بتاريخ … / … / ….هـ، وما زلت على ذمته حتى تاريخه.
إلا أن المدعى عليه قد قام بهجري وهجر فراش الزوجية دون أي مبرر شرعي أو مسوغ نظامي، وذلك منذ مدة تجاوزت (يُذكر عدد الأشهر) أشهر، وهو ما ترتب عليه ضرر بالغ لي.
وحيث إن الفقرة (2) من المادة (113) من نظام الأحوال الشخصية تنص صراحة على أحقية الزوجة في طلب فسخ عقد الزواج إذا امتنع الزوج عن معاشرتها مدة تزيد عن أربعة أشهر دون عذر مشروع، فإنني أستند إلى هذا النص في طلبي هذا.
لذا، ألتمس من فضيلتكم التكرم بالحكم بفسخ عقد النكاح المبرم بيني وبين المدعى عليه، لما لحق بي من ضرر جسيم نتيجة هجره غير المبرر.
وفقكم الله وسدد خطاكم لما فيه الخير والعدل،
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير.
المقدمة: ………………………………….
الصفة: أصالة / وكالة
التاريخ: … / … / …. هـ
الحق النظامي للزوجة في فسخ عقد الزواج
في كثير من الحالات، قد تجد الزوجة نفسها الطرف الأضعف داخل العلاقة الزوجية، لأسباب اجتماعية أو نفسية أو مادية، مما يفرض ضرورة وجود آليات قانونية تحميها عندما تتحول هذه العلاقة من مودة ورحمة إلى مصدر للضرر والمعاناة. ولهذا أقر النظام السعودي، المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، حق الزوجة في طلب فسخ عقد الزواج متى ثبت وجود ما يُعيق استمرار الحياة الزوجية بشكل سوي.
ومن جهة أخرى، نجد أن الشريعة قد منحت الزوج حق الطلاق بإرادته المنفردة، دون اشتراط وجود سبب، وهو ما نصّت عليه المادة (77) من نظام الأحوال الشخصية بقولها: “الطلاق: حل عقد الزواج بإرادة الزوج باللفظ الدال عليه.” إلا أن الواقع قد يشهد في بعض الحالات تعنتًا من الزوج حين تطلب الزوجة الطلاق، رغم أن العلاقة بينهما أصبحت منهارة ولا يُرجى إصلاحها.
ورغم أن بعض الأزواج قد يرفضون الطلاق بدافع الحفاظ على الأسرة أو الأبناء، إلا أن هناك من يتمسكون بالرفض دون سبب وجيه، مما يُبقي الزوجة معلقة دون حقوق أو وضوح في المصير. وهنا تتجلى أهمية النصوص النظامية التي منحت الزوجة حق اللجوء إلى القضاء وطلب فسخ العقد، كحق مكفول لها شرعًا ونظامًا.
وقد نظّم نظام الأحوال الشخصية هذا الحق تفصيلًا في الفصل الرابع من الباب الثالث، من المواد (103) إلى (115)، ليؤكد على أن للمرأة الحق في طلب التحلل من العلاقة الزوجية إذا ثبت الضرر أو استحالت العشرة، بما يحقق التوازن والعدالة بين الطرفين، ويصون كرامة الزوجة وحقوقها.
الفسخ القضائي لعقد الزواج في الشريعة والنظام السعودي
يُعرّف فسخ النكاح في الشريعة الإسلامية بأنه إنهاء لعقد الزواج بسبب وجود عيب شرعي أو مانع معتبر يجعل استمرار الحياة الزوجية غير ممكنة أو غير جائزة. ويتم هذا الإنهاء بحكم قضائي صادر عن جهة الاختصاص، وفقًا لما نصّت عليه المادة (103) من نظام الأحوال الشخصية، والتي جاء فيها:
“كل تفريق بحكم قضائي يُعد فسخًا.”
ويجدر التنويه إلى أن حق الفسخ ليس حكرًا على الزوجة فحسب، بل هو مقرر للزوج أيضًا في بعض الحالات التي نص عليها النظام، وإن كان تركيز هذا المقال منصبًا تحديدًا على حق الزوجة في فسخ عقد الزواج، كوسيلة نظامية لحمايتها من الضرر، أو من استحالة المعاشرة، أو من تعنت الزوج في الطلاق
الشروط النظامية لفسخ عقد الزواج في السعودية
لا توجد مادة منفردة في نظام الأحوال الشخصية السعودي تضع قائمة محددة لشروط فسخ عقد النكاح، وإنما تُستخلص هذه الشروط من مجموع مواد النظام، ومن واقع الممارسات القضائية والإجراءات المعتمدة أمام محاكم الأحوال الشخصية. وبناءً على خبرتنا الطويلة في مباشرة هذا النوع من القضايا، نعرض فيما يلي أبرز شروط فسخ عقد الزواج وفقًا للضوابط النظامية والشرعية:
- وجود عقد زواج صحيح: يشترط لرفع دعوى الفسخ أن يكون بين الطرفين عقد زواج صحيح، مستوفٍ لأركانه وشروطه المنصوص عليها في المادة (13) من نظام الأحوال الشخصية، التي تضمنت: تعيين الزوجين، رضاهما، الإيجاب من الولي، شهادة شاهدين، وألا تكون الزوجة محرّمة على الزوج تحريمًا مؤبدًا أو مؤقتًا. كما أكدت المادة (31) أن العقد يكون صحيحًا متى توفرت هذه الأركان والشروط.
- توثيق عقد الزواج رسميًا: يُعد توثيق عقد الزواج شرطًا أساسيًا لقبول دعوى الفسخ، وفقًا للمادة (8) من النظام، التي نصّت على إلزامية التوثيق من قبل الزوجين أو أحدهما. وبالتالي، لا يُقبل رفع الدعوى إلا بموجب عقد زواج موثق رسميًا.
- سريان العلاقة الزوجية وقت التقديم: يُشترط أن تكون العلاقة الزوجية قائمة بالفعل عند تقديم الدعوى، إذ لا تُقبل الدعوى إذا كانت العلاقة قد انتهت بطلاق أو خلع أو وفاة. ويُعد انتفاء العلاقة سببًا لانتفاء المصلحة، وهي شرط أساسي لقبول أي دعوى، كما نصت المادة (3) من نظام المرافعات الشرعية: “لا يُقبل أي طلب لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة مشروعة.”
- تقديم الدعوى عبر القنوات النظامية: لا يحق للزوجة فسخ عقد الزواج بإرادتها المنفردة، بل يجب عليها التقدم بدعوى رسمية إلى محكمة الأحوال الشخصية عبر المنصة الإلكترونية “ناجز”. وبعد نظر القاضي في الدعوى واستيفاء المتطلبات، يُصدر الحكم بفسخ العقد، وبموجبه تُزال الرابطة الزوجية شرعًا ونظامًا.
- توافر أسباب شرعية أو نظامية معتبرة: لا يُمكن للزوجة أن تطالب بفسخ النكاح دون وجود سبب وجيه يُبرر هذا الطلب. ويُشترط أن يكون السبب قائمًا على ضرر فعلي، عيب شرعي، إخلال بالحقوق الزوجية، أو استحالة المعاشرة بالمعروف. وسيُفصّل في الأسباب المعتبرة في موضع آخر من المقال.
تُعتبر هذه الشروط بمثابة الضوابط الأساسية التي يستند إليها القاضي عند النظر في دعاوى فسخ النكاح، وهي ضمانة لتطبيق العدالة وحفظ الحقوق لكلا الطرفين، مع مراعاة المقاصد الشرعية للأسرة.
الإطار النظامي الحاكم لدعاوى فسخ عقد الزواج في السعودية
قبل الخوض في تفاصيل وإجراءات دعوى فسخ عقد الزواج، من الضروري توضيح الإطار النظامي الذي يحكم هذا النوع من القضايا. وبصيغة أخرى: ما المرجعية النظامية التي يستند إليها القاضي عند البت في دعوى الفسخ؟ وما هو المصدر الذي يُحدد الأحكام والشروط الواجب تطبيقها؟
في هذا السياق، سَهّل المُنظم السعودي الأمر بشكل كبير من خلال إصدار نظام الأحوال الشخصية، بموجب المرسوم الملكي رقم (م/73) بتاريخ 06/08/1443هـ، والذي جاء ليضع إطارًا قانونيًا شاملاً لجميع المسائل المتعلقة بالعلاقة الزوجية، بما في ذلك أحكام فسخ النكاح.
وقد تضمن هذا النظام جميع الضوابط الموضوعية والإجرائية المتعلقة بدعاوى الفسخ، بدءًا من الشروط والأسانيد، وصولًا إلى الحقوق المترتبة بعد الحكم. وهو ما جعله المرجع الأول والأساسي الذي تستند إليه المحاكم في الفصل بمثل هذه الدعاوى، تحقيقًا للعدالة وحماية لحقوق أطراف العلاقة الزوجية.
فسخ عقد الزواج: بعِوض أو بدون عِوض وفقًا لأسباب الدعوى
عند النظر في دعاوى فسخ عقد الزواج، تبرز مسألة مهمة تتعلق بمدى إلزام الزوجة بإعادة المهر الذي استلمته، وهي مسألة تعتمد بشكل رئيسي على السبب الذي تستند إليه الزوجة في طلب الفسخ.
ويُفرق النظام بين حالتين رئيسيتين:
- فسخ النكاح بدون عِوض: إذا ثبت أن طلب الزوجة مستند إلى أسباب معتبرة شرعًا أو نظامًا – كوقوع الضرر، أو الهجر، أو الإخلال بالواجبات الزوجية – فإن المحكمة تُقرر فسخ النكاح دون إلزام الزوجة بإعادة أي جزء من المهر، باعتبار أن الفسخ جاء دفعًا للضرر.
- فسخ النكاح بعِوض: أما إذا خلت الدعوى من أسباب معتبرة قانونًا، أو كانت الرغبة في الفسخ ناتجة عن إرادة منفردة من الزوجة دون وجود ضرر ظاهر، ففي هذه الحالة يُشترط لفسخ العقد أن تُعيد الزوجة المهر، كليًا أو جزئيًا، ويُعرف ذلك بـ “الفسخ بعوض”.
تجدر الإشارة إلى أن إلزام الزوجة بإعادة المهر لا يعني بالضرورة ردّه بالكامل، بل يخضع التقدير لظروف كل قضية، وقد يُحكم برد جزء من المهر فقط – كالنصف أو الربع أو ثلاثة أرباعه – وفقًا لما يراه القاضي ملائمًا بناءً على تقارير لجنة الخبراء أو رأي الحكمين، وهو ما سنفصّله لاحقًا عند تناول مراحل نظر دعوى الفسخ.
الأسباب النظامية المعتبرة لطلب فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة
في ضوء ما سبق من تفصيل حول شروط وإجراءات فسخ عقد الزواج، يبرز تساؤل جوهري: ما هي الأسباب التي يُعتد بها نظامًا وشرعًا لطلب الزوجة فسخ عقد النكاح؟ فيما يلي بيان لأهم الأسباب المعتبرة التي يمكن للزوجة الاستناد إليها في دعواها، وفق ما نظمه نظام الأحوال الشخصية وتقرّه المحاكم المختصة:
أولًا: وجود عيب ضار أو مُنفّر يمنع المعاشرة الزوجية
لم يحصر النظام هذا النوع من العيوب في قائمة مغلقة، بل ترك تقديرها للقاضي وأهل الخبرة، بشرط أن تكون العلة ذات أثر مباشر على الزوجة وتمنع استمرارية الحياة الزوجية.
ولا فرق بين كون العلة سابقة أو لاحقة لعقد الزواج، لكن يُشترط:
- ألا تكون الزوجة على علم بالعلة وقت إبرام العقد.
- وألا يكون قد صدر عنها ما يدل على رضاها بالعلة بعد العلم بها، قولًا أو فعلًا.
- ويقع عبء إثبات هذا الرضا على الزوج، فإذا عجز عن إثباته، يُحكم بالفسخ لصالح الزوجة.
أثر ذلك على المهر:
- إذا نشأت العلة بعد الدخول: لا تُلزم الزوجة بإعادة المهر.
- إذا كانت العلة قبل الزواج ولم يحصل دخول أو خلوة: تُلزم الزوجة برد ما استلمته من المهر.
- إذا كانت العلة قبل الزواج وحدث دخول أو خلوة: لا تُلزم الزوجة بإعادة شيء.
ثانيًا: امتناع الزوج عن سداد المهر
إذا لم يسدد الزوج مهر الزوجة المتفق عليه، فلها الحق في طلب فسخ العقد دون أن تُلزم بإعادة أي مبالغ، بشرط ألا يكون الزوج قد دخل بها. أما إذا حصل الدخول، فلا يُفسخ العقد بسبب الامتناع عن سداد المهر، بل يُعد المهر دينًا في ذمته.
ثالثًا: امتناع الزوج عن النفقة
إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته في ضروريات الحياة من مأكل، ملبس، ومسكن، جاز للزوجة طلب فسخ النكاح، ويتم الفسخ دون إلزامها برد أي عوض.
استثناء: الزوجة الناشز لا يُلزم الزوج بالنفقة في حال ثبوت نشوز الزوجة، كأن تمتنع عن التمكين أو تغادر بيت الزوجية دون إذن مشروع، وفي هذه الحالة، لا تُقبل دعواها بطلب الفسخ استنادًا إلى الامتناع عن النفقة.
رابعًا: امتناع الزوج عن المعاشرة (الجماع)
يحق للزوجة طلب الفسخ إذا امتنع الزوج عن معاشرتها مدة تزيد على أربعة أشهر دون عذر شرعي. أما إذا كان له عذر مشروع كالسفر لعمل أو أداء واجب شرعي، فلا يُعد ذلك موجبًا للفسخ.
خامسًا: غياب الزوج دون مبرر مشروع
إذا غاب الزوج عن زوجته مدة لا تقل عن أربعة أشهر دون عذر مقبول، ولم يكن غيابه لأسباب العمل أو الضرورات المشروعة، جاز للزوجة طلب فسخ عقد الزواج. ولا يشترط في هذه الحالة أن تكون الزوجة معسرة أو غير قادرة على الإنفاق، بل يحق لها طلب الفسخ حتى إن توفر لها مصدر إنفاق من مال الزوج.
هذه الأسباب تُعد من الركائز النظامية التي تقبل بها المحاكم دعوى فسخ النكاح من قبل الزوجة، شريطة إثباتها بالأدلة النظامية. وسيتضح لاحقًا كيفية عرض هذه الأسباب وتقديمها في صحيفة الدعوى وفق الإجراءات القضائية المعتمدة.
هل يمكن إلزام الزوجة برد المهر عند فسخ عقد الزواج؟
كما أوضحنا سابقًا، فإن القاعدة العامة تقضي بأنه لا يُحكم للزوجة بفسخ عقد الزواج دون إلزامها بإعادة المهر، إلا إذا كانت دعواها مبنية على سبب معتبر شرعًا أو نظامًا.
ففي حال ثبوت وجود ضرر حقيقي، أو عيب شرعي، أو امتناع الزوج عن أداء واجباته الأساسية، فإن المحكمة تفسخ العقد دون أن تُلزم الزوجة برد أي مبالغ. أما إذا خلت الدعوى من أسباب الفسخ المعتبرة، فإن الزوجة لا تُعفى من رد المهر، ويُشترط لإتمام الفسخ أن تُعيد ما تسلمته، كليًا أو جزئيًا، وفقًا لما يقدّره القاضي بناءً على ملابسات الدعوى.
أسئلة القاضي عند فسخ النكاح
من واقع خبرتنا العملية ومباشرتنا لعدد كبير من قضايا فسخ عقد الزواج، فإن القاضي يقوم بتوجيه مجموعة من الأسئلة المحددة بحسب طبيعة كل دعوى، ووفقًا للسبب الذي تستند إليه الزوجة في طلب الفسخ. وفيما يلي أبرز الأسئلة التي قد تُطرح خلال الجلسات القضائية:
- ما سبب طلبكِ لفسخ عقد الزواج؟ (للتحقق من وجود ضرر فعلي أو سبب شرعي ونظامي يُبرر الفسخ)
- هل جرت محاولات صلح سابقة بينك وبين الزوج؟ (للتأكد من استنفاد فرص التسوية الودية بين الطرفين)
- هل تعرضتِ لأي نوع من الإيذاء الجسدي أو النفسي من قبل الزوج؟ (ويُطلب إثبات ذلك عند الضرورة عبر تقارير أو شهود)
- هل تكفلتِ بمصاريفك الأساسية بسبب امتناع الزوج عن الإنفاق؟ (عند الاستناد إلى الامتناع عن النفقة كسبب للفسخ)
- هل لديكِ شهود يمكنهم إثبات الضرر أو سوء المعاملة؟ (قد يُطلب سماع شهادة الشهود إذا كان الضرر غير موثق كتابيًا)
- هل توجد مستندات أو أدلة تثبت أسباب طلب الفسخ؟ (مثل تقارير طبية، محاضر رسمية، رسائل تهديد، أو مستندات كتابية)
- متى اكتشفتِ العيب أو السبب الذي تستندين إليه؟ ومتى بدأ الضرر؟ (لتحديد مدى استمرارية الضرر وتعذر استمرار العلاقة الزوجية)
- هل كنتِ على علم بالعيب أو السبب قبل الزواج أو بعده؟ (للتأكد من غياب العلم أو الرضا عند إبرام العقد)
- ما موقف الزوج من طلبكِ للفسخ؟ وهل أبدا رغبته في الصلح؟ (لمعرفة موقف الطرف الآخر وتقدير فرص الإصلاح إن وُجدت)
تختلف صيغة وتفاصيل هذه الأسئلة تبعًا لظروف كل قضية، لكنها تهدف في مجملها إلى تحقق القاضي من مدى جدية الطلب، وتوفر المبررات النظامية والشرعية لفسخ عقد الزواج، تمهيدًا لإصدار الحكم المناسب.
هل فسخ عقد الزواج يعتبر طلاق
فسخ عقد الزواج لا يُعتبر طلاقًا، بل يختلف عنه في المفهوم والأثر والإجراءات.
فالطلاق هو إنهاء العلاقة الزوجية بإرادة الزوج أو من يملك الحق في الطلاق، وقد يتم دون الحاجة إلى سبب، وبلفظ صريح من الزوج، ويترتب عليه آثار محددة من حيث العدة والرجعة إذا كان الطلاق رجعيًا.
أما فسخ عقد الزواج، فهو حكم قضائي يصدر عن المحكمة بناءً على طلب أحد الزوجين، وغالبًا الزوجة، إذا توفرت أسباب شرعية أو نظامية معتبرة تمنع استمرار الحياة الزوجية، مثل الضرر، العيب، الهجر، أو الامتناع عن النفقة. ولا يتم الفسخ إلا بعد نظر القضية من القاضي، وإثبات السبب، وإصدار الحكم.
الفسخ لا يترتب عليه رجعة، بل إذا أراد الطرفان العودة لبعضهما، فلا بد من عقد نكاح جديد بشروطه الشرعية.
باختصار، الفسخ والطلاق يؤديان إلى إنهاء العلاقة الزوجية، لكن كلٌ منهما له طبيعته القانونية وأحكامه المختلفة.
متي يحق للقاضي فسخ عقد النكاح بدون عوض
يحق للقاضي فسخ عقد النكاح بدون عوض عندما تُثبت الزوجة وجود سبب شرعي أو نظامي معتبر يمنع استمرار الحياة الزوجية، ويقع فيه الضرر من جانب الزوج، دون أن تكون الزوجة مسؤولة عن هذا الضرر. وفي هذه الحالات، لا تُلزم الزوجة بإعادة المهر أو دفع أي عوض مالي مقابل الفسخ.
وفيما يلي أهم الحالات التي يحق فيها للقاضي فسخ النكاح بدون عوض:
- ثبوت وجود ضرر أو أذى من الزوج: مثل الإيذاء الجسدي، النفسي، الإهانة، التهديد، أو إساءة المعاملة المستمرة، بشرط أن يُثبت ذلك أمام المحكمة.
- امتناع الزوج عن النفقة دون عذر:زإذا ثبت أن الزوج لا ينفق على زوجته ولا يوفر لها حاجاتها الأساسية، ولم يكن له عذر شرعي، يحق للزوجة طلب الفسخ دون عوض.
- امتناع الزوج عن المعاشرة (الجماع) لأكثر من أربعة أشهر دون سبب مشروع: ويشمل ذلك الهجر التام أو رفض المعاشرة عمداً، ما يُعد إخلالاً بحقوق الزوجة.
- وجود عيب أو علة منفرة في الزوج تمنع المعاشرة الطبيعية: مثل الأمراض الجنسية، أو العيوب العقلية أو الجسدية التي تجعل الحياة الزوجية متعذرة، بشرط ألا تكون الزوجة على علم بها وقت العقد أو أن تكون قد رفضتها صراحة بعد علمها.
- غياب الزوج فترة طويلة دون مبرر شرعي أو مكان معلوم: إذا غاب الزوج أكثر من أربعة أشهر بلا عذر مقبول، وكان ذلك سببًا في تضرر الزوجة.
في جميع هذه الحالات، ينظر القاضي في الوقائع والأدلة، وإذا اقتنع بوجود الضرر واستحالة العشرة، يحكم بفسخ النكاح دون إلزام الزوجة بعوض.
فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة قبل الدخول
فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة قبل الدخول هو حق مشروع يمكنها اللجوء إليه إذا توافرت أسباب شرعية أو نظامية معتبرة تمنع استمرار العلاقة، ويُنظر إليه بطريقة مختلفة عن الفسخ بعد الدخول من حيث الآثار، خصوصًا فيما يتعلق بالمهر والعدة.
متى يحق للزوجة طلب فسخ العقد قبل الدخول؟
يحق لها ذلك في الحالات التالية:
- وجود عيب شرعي أو علة منفرة في الزوج: كالعقم، أو مرض نفسي أو عضوي خطير، أو سلوك مخل بالآداب، بشرط أن تكون الزوجة غير عالمة به عند العقد، ولم يصدر منها ما يدل على رضاها بعد العلم.
- امتناع الزوج عن دفع المهر أو المماطلة فيه: إذا أُبرم العقد واشترط تسليم المهر قبل الدخول، وامتنع الزوج أو تأخر دون سبب مشروع، يحق للزوجة طلب الفسخ دون أن تُلزم بشيء.
- عدم الرغبة في إتمام الزواج لعذر معتبر: مثل انكشاف حقيقة غير معلنة أثناء الخطبة، أو وقوع ضرر نفسي بالغ نتيجة إجبارها على الزواج دون رضاها.
هل تُلزم الزوجة بإعادة المهر؟
إذا لم يتم الدخول ولا الخلوة: يجب على الزوجة إعادة كامل المهر الذي استلمته، لأن الفسخ حصل قبل الانتفاع بأي من حقوق الزوج.
إذا كان الفسخ بسبب عيب في الزوج وكانت الزوجة جاهلة به، ولم ترضَ به بعد علمها: لا تُلزم بإعادة المهر، ويحكم القاضي بالفسخ دون عوض.
الطريقة النظامية لفسخ عقد النكاح في السعودية عبر منصتي تراضي وناجز
تُنفذ إجراءات فسخ عقد النكاح في المملكة العربية السعودية من خلال مسار رسمي واضح تنظمه منصتا وزارة العدل: تراضي وناجز، بما يضمن توافق الإجراءات مع نظام الأحوال الشخصية المعمول به. وفيما يلي شرح مفصل للخطوات المعتمدة:
أولًا: تقديم طلب الصلح عبر منصة تراضي
تبدأ الزوجة الراغبة في فسخ عقد النكاح بتقديم طلب صلح من خلال منصة تراضي التابعة لوزارة العدل، والتي تهدف إلى محاولة التوفيق بين الزوجين قبل اللجوء إلى القضاء.
عند تقديم الطلب، تترتب إحدى نتيجتين:
- نجاح الصلح بين الزوجين، وبالتالي إنهاء النزاع دون الحاجة إلى رفع دعوى.
- عدم التوصل إلى اتفاق، مما يستدعي الانتقال إلى المرحلة القضائية عبر منصة ناجز.
للاطلاع على التفاصيل الدقيقة المتعلقة بمراحل الدعوى، يُنصح بمراجعة مقال: “فسخ عقد النكاح: مراحل الدعوى خطوة بخطوة 1446هـ”.
ثانيًا: تقديم طلب فسخ عقد النكاح عبر منصة ناجز
في حال تعذر الصلح، يمكن رفع دعوى فسخ عقد النكاح إلكترونيًا عبر منصة ناجز باتباع الخطوات التالية:
- الدخول إلى منصة ناجز باستخدام بيانات الدخول عبر منصة أبشر.
- اختيار “صحيفة الدعوى” من القائمة الرئيسية.
- الضغط على “طلب جديد”، ثم اختيار “أحوال شخصية” من تصنيفات القضايا.
- تحديد التصنيف الفرعي “قضايا النكاح والفرقة”.
- اختيار نوع الطلب “فسخ عقد النكاح”.
- استكمال البيانات المطلوبة بدقة، ثم إرسال الطلب إلكترونيًا إلى المحكمة المختصة.
التمييز القانوني بين فسخ النكاح والخلع في النظام السعودي
قبل الشروع في رفع دعوى قضائية لإنهاء العلاقة الزوجية، من الضروري فهم الفرق الجوهري بين فسخ النكاح والخلع، إذ يختلف كل منهما في الأسباب والمتطلبات القانونية.
فسخ عقد النكاح يتم استنادًا إلى أسباب شرعية معتبرة، ولا يُشترط فيه أن تُعيد الزوجة المهر إلى الزوج، وقد يُحكم به إذا ثبت وجود ضرر أو إخلال بأحد شروط العقد.
أما الخلع، فيُعد طلاقًا بطلب من الزوجة، ويُشترط فيه أن تعيد المهر أو تدفع مقابلًا ماليًا للزوج لإنهاء الرابطة الزوجية.
لذلك، إذا كانت الزوجة راغبة في إنهاء العلاقة ومستعدة لإرجاع المهر، فقد يكون الخلع هو الخيار الأنسب من الناحية الإجرائية، مقارنة بفسخ النكاح الذي يتطلب إثبات الأسباب الشرعية أمام المحكمة.
الإطار النظامي والشرعي لفسخ عقد النكاح في السعودية
يخضع فسخ عقد النكاح في المملكة العربية السعودية لضوابط دقيقة وضعتها الشريعة الإسلامية ونظّمها النظام القضائي، ولا يُقبل هذا الفسخ إلا في حالات محددة تُعد استثناءً من الأصل، تحقيقًا لمبدأ الحفاظ على كيان الأسرة واستقرار المجتمع.
الأساس الشرعي لعقد النكاح
عقد النكاح في الإسلام يقوم على مبدأ الدوام والتراحم، ويُفترض فيه الاستمرارية لا الانفصام. ولذلك، لا يجوز فسخه إلا بوجود أسباب شرعية معتبرة تُثبت أمام القضاء.
كما يُنهى عن السعي إلى الطلاق أو فسخ النكاح دون مبرر مشروع، لما للزواج من مكانة عظيمة باعتباره ميثاقًا غليظًا وركنًا أساسيًا في بناء المجتمع المسلم.
حالات يجوز فيها للزوجة طلب فسخ النكاح
يُتاح للزوجة رفع دعوى لفسخ عقد النكاح إذا توافرت أسباب شرعية واضحة، مثل:
- صدور أفعال محرّمة من الزوج كتعاطي الخمر أو التورط في سلوكيات غير أخلاقية.
- التعرض للظلم أو الإيذاء الجسدي، كأن يُقدم الزوج على ضرب زوجته دون وجه حق، أو يمتنع عن أداء الحقوق الزوجية المفروضة شرعًا.
في مثل هذه الحالات، يحق للزوجة التقدم بطلب فسخ عقد النكاح أمام المحكمة المختصة، ويُنظر في الدعوى وفق أحكام النظام السعودي المبني على أصول الشريعة.
التنظيم القانوني لفسخ عقد النكاح في نظام الأحوال الشخصية السعودي
نصّ نظام الأحوال الشخصية ولائحته التنفيذية في المملكة العربية السعودية على الأحكام المنظمة لفسخ عقد النكاح، وذلك من خلال مواد قانونية صريحة تحدد الحالات والإجراءات التي تُمكّن أحد الطرفين من إنهاء العلاقة الزوجية بشكل مشروع.
جاء في المادة (76) من نظام الأحوال الشخصية أن من بين الأسباب النظامية التي تؤدي إلى الفرقة بين الزوجين فسخ عقد الزواج، حيث نصت بوضوح على:
“تحصل الفرقة بين الزوجين في أي من الحالات الآتية: … فسخ عقد الزواج.”
كما أوردت المادة (28) من لائحة النظام تفاصيل إضافية، حيث أعطت المحكمة صلاحية فسخ عقد النكاح بناءً على طلب الزوجة، متى ما ثبت تخوفها من عدم أداء الحقوق الزوجية، مع رفض الزوج الطلاق أو الخلع، شريطة أن تعيد ما قبضته من المهر، وجاء نص المادة كما يلي:
“للمحكمة فسخ عقد الزواج – بعد استيفاء الإجراءات النظامية ذات الصلة – متى طالبت الزوجة به، لخشيتها عدم أداء الحقوق الزوجية، وامتناع الزوج عن طلاقها أو مخالعتها، على أن تعيد ما قبضته من مهر.”
التمييز الشرعي والنظامي بين فسخ النكاح والطلاق في النظام السعودي
من الضروري الإحاطة بالفارق الجوهري بين فسخ عقد النكاح والطلاق، لما له من أثر مباشر على الوضع الشرعي والقانوني للزوجين بعد انتهاء العلاقة.
ففي حال صدور حكم قضائي بفسخ النكاح بعد استكمال الإجراءات النظامية، لا يُحسب هذا الفسخ ضمن عدد الطلقات الثلاث. ويجوز للزوجين العودة إلى بعضهما لاحقًا بعقد ومهر جديدين، حتى وإن سبق الفسخ وقوع طلقتين.
وقد جاء هذا الحكم في المادة (103) من نظام الأحوال الشخصية، والتي تنص على ما يلي:
- “كل تفريق بحكم قضائي يعد فسخًا، وتكون فرقة بائنة بينونة صغرى، ولا تحسب من التطليقات الثلاث.”
أهمية التفرقة بين الطلاق والفسخ
الفهم الدقيق للفارق بين الطلاق وفسخ النكاح يُعد خطوة أساسية أمام الزوجة لاختيار المسار الأنسب قانونيًا وشرعيًا في حال وجود خلاف زوجي. ويُنصح بالاطلاع على الشروحات التفصيلية المتعلقة بكلا الإجراءين قبل اتخاذ أي قرار، لضمان حفظ الحقوق وتجنب التعقيدات القانونية لاحقًا.
الأسئلة الشائعة
هل يُعاد المهر بعد فسخ عقد الزواج؟
في الغالب، يبقى المهر من حق الزوجة بعد فسخ عقد الزواج، إلا في حالات استثنائية محددة، كأن يكون الفسخ ناتجًا عن عيب أو تقصير منها، ففي هذه الحالة قد يُعاد المهر للزوج أو يُطالَب باسترداده كليًا أو جزئيًا، وذلك بحسب ما تقرره المحكمة بعد النظر في تفاصيل القضية وملابساتها.
متى يجوز للقاضي فسخ عقد النكاح؟
يحق للقاضي الحكم بفسخ عقد النكاح في حالات معينة نص عليها نظام الأحوال الشخصية، ومن أبرزها: وجود عيب جوهري في أحد الزوجين، أو سوء المعاشرة بما لا يُحتمل معه الاستمرار، أو تعرض أحد الطرفين لضرر بالغ، إضافة إلى تخلف الزوج عن أداء واجباته الأساسية، كالإعالة أو المعاشرة، أو غيابه لفترة طويلة دون عذر مشروع أو مكان معلوم.
ما المقصود بفسخ عقد النكاح؟
فسخ عقد النكاح هو إجراء قضائي يُنهي العلاقة الزوجية بناءً على طلب أحد الزوجين، متى ما توفرت أسباب شرعية أو قانونية تبرر ذلك، كاستحالة المعاشرة أو وقوع الضرر. ويُفرق النظام بين الفسخ والطلاق، فالأول يكون بحكم قضائي ولأسباب محددة، بينما الطلاق هو حق للزوج يمارسه بإرادته، ما لم يخول للزوجة بشرط في العقد.
في النهاية، فإن فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة ليس مجرد قرار عاطفي، بل هو حق شرعي ونظامي كفله القانون لحماية المرأة من الضرر ورفع الظلم عنها، متى ما توفرت الأسباب المشروعة والمثبتة. ومع تعقيد الإجراءات وتفاوت الحالات، يصبح من الضروري الاستعانة بمحامٍ متخصص يمتلك الدراية الكاملة بخطوات الفسخ ومتطلباته، وهنا يأتي دور مكتب المحامي أصيل عادل السليماني للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم، كجهة موثوقة تقدم الدعم القانوني والمرافعة باحترافية لضمان تحقيق العدالة وحفظ الحقوق وفقًا لما نص عليه النظام السعودي.
ترغب في ترك العمل وتبحث عن أداة أمان تضمن بها [...]
وضعت الهيئة العامة للنقل مجموعة من شروط استخراج ترخيص نقل [...]
ترغب في فسخ العقد بموجب المادة 81 من نظام العمل [...]
تتساءل عن طريقة تقديم نموذج طلب اعادة خدمة عسكرية، تُعد [...]